7‏/3‏/2010

the oil

أشاهد الواقع الاجتماعي والاقتصادي لمعظم الدول المنتجة للنفط ،حيث ما نراه لا يعبر عن رخاء اقتصادي منظور، فإلى جانب أن عدداً كبيراً من سكان هذه الدول يعاني الفقر والجهل وعدم الحصول على الخدمات الضرورية، فقد ساهمت مدا خيل النفط في تفشي الفساد المالي والاقتتال من أجل السيطرة على هذه المداخيل أو مصادرها، إضافة إلى الاكتفاء بالاعتماد شبه الكلي على تلك العائدات،بدلاً من الاستثمار، كما يعرف عن الدول المنتجة للنفط، هاجسها الأمني المفرط ويتجلى ذلك بالمبالغ الضخمة المخصصة للنفقات العسكرية في ميزانيات تلك الدول والتي تأتي على حساب قطاعات حيوية أخرى كالتعليم والتنمية.



إنّ تدفق النفط بشكل سخي في الدّول النفطية قد مكّن عددا من هذه الأقطار من تجميع فوائض كبيرة تستثمرها في الدول الأكثر تقدما..ورغم الإستهلاك الترفي في هذه الأقطار فإنّها تحقّق معدلا مرتفعا للإدخار وفائضا في ميزان المدفوعات. فهل أدّى ذلك إلى أن تصبح هذه الأقطار أقل تبعية من غيرها؟ وهل استفادت من علاقاتها النفطية مع الدول المستهلكة للنفط في مجال التعجيل بعملية التنمية والحصول على التكنولوجيا المتطورة لأغراض التصنيع؟ وهل توصلت عملية التنمية العربية في ظل تدفق النفط أن تأخذ أبعادها التاريخية فأرتفــــع تبعا لذلك - النفط العربي - إلى مستوى التحديات الإنمائية الأساسية التي تجابه الوطن العربي..؟ أم أنّ سوء توزيع الدخل القومي بين الأفراد والجماعات أثمر الرفاه والتحديث للقلة الموسرة والصفوة المميزة، بينما كان نصيب الجماهير الواسعة، البؤس وفتات الموائد وغدت بالتالي وحدها تتحمّل عبء الإنتاج والتنمية..؟


لقد ارتبط التاريخ الإقتصادي والسياسي للمنطقة العربية أساسا بالنفط، إذ كان للنفط أكبر الأثر في تشكيل معالم الخريطة الإقتصادية والسياسية للمنطقة العربية وربط مشكلات التنمية العربية ربطا وثيقا بالتطورات الإقتصادية العلمية، وقد ظلّ قطاع النفط منفصلا عن مجرى عملية التنمية في الأقطار العربية النفطية حتى منتصف الخمسينات حيث كانت عمليات الإستكشاف والإنتاج النفطي تجرى وفقا لأهداف ومخططات الشركات النفطية الكبرى وقد نجحت - هذه الأخيرة - في الحصول على إمتيازات عدة مقابل التنقيب على النفط في الأراضي العربية..فهل تغيرت اليوم طرائق الإستثمارات النفطية بما يخدم مصالح هذه الأمة ويصحّح مسارها التاريخي؟ ..وهل نجحت عملية التنمية العربية بفضل عائدات النفط في الإرتقاء إلى مستوى التحديات التي يمليها العصر؟ .. إنّ عددا من الأقطار النفطية قد نجح في تجميع فوائض كثيرة تستثمر في الدول المتقدمة، غير أنها لا تعتمد إعتمادا كليا على المعرفة الفنية للدول الصناعية وحسب، بل أنها علاوة على ذلك تجد الأمان بالنسبة لإستثماراتها لدى الشركات الدولية النشاط أو بإستثمار أموالها في أسواق رأس المال لدى الدول المتقدمة، وكلما دعت الحاجة أن تستثمر هذه الأقطار النفطية في دول العالم الثالث فإنّ ذلك لا يتم في معظم الحالات إلا عبر وساطة المؤسسات المالية الدولية إيمانا منها أنّ مثل هذه المشاركة تؤمّن لها استثماراتها بما لا تستطيع هذه الأقطار أن تحققه بذاتها..إنّ عددا من هذه الأقطار هو من الصغر بما قد يصعب عليها بناء صناعة متوازنة داخل حدودها القطرية أو الإعتماد أساسا على السوق الداخلي للطلب على صناعاتها، إلا أنّ اسهام هذه الشركات الدولية النشاط في تنمية البلاد يجعلها تتخذ دور التابع للرأسمالية الدولية..


إن النفط الملقب ب " الذهب الأسود " السائل طاقة إستراتيجية مهمة دافعة لعجلة تاريخ البشرية ومؤثر كقوة دافعة للتنمية المستدامة لشتى الدول في المرحلة الحالية لتأثيره في مجالات السياسة والاقتصاد و الشئون العسكرية والصناعة والمواصلات ومستلزمات المعيشة اليومية وغيرها ، وباعتباره يمثل عصب الحياة في كوكبنا هذا في العصر الحديث، فإنه سيبقى عامل تهديد مباشر لمستقبل العالم في ظل استمرار الصراع من أجله ولصالح السيطرة على مخزوناته.






إن العرب المنتجين للنفط لابد أن يفكروا ملياً في مستقبل النفط ،وفي تأثيره على معطيات التوازن الجيوستراتيجي في العالم ، مما يؤهلها لأن تلعب دوراً أكثر أهمية على الساحة الدولية بدلاً من هذا الدور القاصر التابع ، ولنأخذ أنمذجة إيران وفنزويلا وروسيا والجماهيرية العظمى في عين الاعتبار، لأننا كعرب أحوج من غيرنا لأي ورقة رابحة لها وزنها لنضعها في ميزان التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية في أي نزاع أو صفقة ،على قاعدة التكافؤ لا التبعية والاستكانة لمنطق الغرب وهو أن البترول مجرد سلعة تجارية لا يجوز استخدامها في غير موضعها وخاصة للأغراض السياسية

ليست هناك تعليقات: