8‏/3‏/2010

بترول العرب ليس للعرب

منذ اكتشاف البترول في صحارى العرب، يعيش المواطن العربي تحت وطأة الثروة البترولية وهو مصاب برهابها، واستطاع البترول تغيير الحياة في أنماطها بعد أن فعل فعله تجاه الاقتصادات.



رفعت شعارات بترولية عديدة خاصة في فترة المدّ القومي، ومن أشهر تلك الشعارات (بترول العرب للعرب)، فظلّ مجرد شعار مخصص للهتافات وحسب، وعاشت الاقتصادات في الدول النفطية فورة كبيرة، وارتفعت معدلات النمو وبقيت تلك الاقتصادات ريعية، ولم تظهر مشاريع تنموية استفادت من عائدات البترول الذي سينضب آجلاً أم عاجلاً، وضيعت الدول النفطية فرصاً كثيرة كان البترول حاملها الموضوعي، لكن ثمة أشياء كثيرة جعلت السؤال الأبرز والدائم هو: أين تذهب عائدات البترول؟


شكل البترول العربي ثورة اقتصادية حقيقية أنتجت تقسيمات جديدة مغايرة للسائد، إذ صار هناك دول نفطية ـ غنية، ودول غير نفطية فقيرة تعاني الأمرّين وتنظر بحسد إلى شقيقاتها النفطيات منتظرة مساعدتها مباشرة أو من خلال الاستثمارات، وتصل الفوائض البترولية السنوية 180,1 تريليون دولار مستثمرة في الخارج، بينما إجمالي الاستثمارات العربية البينية 50 مليار دولار تعادل 5% من الاستثمارات العربية في الخارج، ويشكل احتياطي البترول العربي ثلثي الاحتياطي العالمي ولدى السعودية ربع الاحتياطي العالمي، وفي العام الماضي كانت دول الخليج العربي وشمال أفريقيا تنتج 25 مليون برميل يومياً وأسعار البترول محلِّقة. هذه الثروة الهائلة كيف ينظر إليها الشارع العربي؟






العيّنة


طرحت مجلة (الاقتصاد والنقل) في استبيانها الشهري موضوع: البترول العربي وإشكالية عائداته وطرق صرفها، ووزعت 400 استمارة على عينة عشوائية منتظمة في الفترة ما بين 15 إلى 20 تموز مستخدمة أسلوب المقابلة المباشرة، واستغلت (الاقتصاد والنقل) فرصة وجود عدد من المواطنين العرب في سورية وشملتهم بالعينة وبلغت نسبتهم 20% مقابل 80% من السوريين.


وشملت العينة المهن التالية: 10% أساتذة جامعات، و25% باحثين اقتصاديين، 20% قطاع الأعمال، 40% المهن التالية: (أطباء، مهندسون، محامون، صحفيون، طلبة)، 5% مهن أخرى متعددة، وتوزّعت شهاداتهم العلمية على النحو التالي: 25% دكتوراه، 30% دبلوم وماجستير، 40% شهادات جامعية، 5% معاهد متوسطة وما دون. وبلغ متوسط عمر أفراد العينة 56 عاماً.


تغيير النمط


السؤال الأول: هل تشعر أنك استفدت شخصياً من البترول العربي وعائداته؟


أجاب 90% من أفراد العينة بلا، وقد يكون السبب في ذلك أن الحالة المعيشية للمواطن لم تتحسن بشكل ملموس بعد اكتشاف البترول عربياً، ورأى 10% من أفراد العينة أنهم استفادوا شخصياً من البترول العربي وعائداته، ومردّ ذلك ربما شمول العينة على بعض المواطنين الخليجيين الذين استطاع زيت الصحارى تغيير نمط حياتهم كلياً.






مع وقف الاستخدام


السؤال الثاني: في رأيك كيف تُصرف عائدات البترول؟


أفاد 50 %من المستطلعين بأن جزءاً منها يذهب لحسابات خاصة وربما يعود السبب إلى سيطرة الحكام العرب المُحكمة على البترول وربط كل ما يتعلق بالبترول بهم شخصياً.


ورأى 20% من أفراد العينة أن عائدات البترول تصرف لتغطية العجوزات في الموازنات الحكومية إذ إن اقتصادات الدول النفطية العربية تعتمد على البترول بشكل أساسي ولم تعط المشاريع التنموية الاهتمام الكافي.


وأكّد 15% من المستطلعين أن عائدات البترول تصرف من أجل التسلّح، إذ ما زالت الدول العربية تنفق أموالاً طائلة على التسلّح، وثمة سباق محموم بين الأجهزة العسكرية لشراء المعدات العسكرية الحديثة رغم أن السلاح العربي لا يستخدم. تقول فاطمة المرنيسي في كتابها: (الخوف من الحداثة، الإسلام والديمقراطية): (اشترت الدول العربية 40% من الأسلحة المبيعة في العالم خلال الثمانينيات، مبذّرة هكذا بهذه الخردة الثروات التي كان بإمكانها تأمين التوظيف الكامل. وفي العام الماضي اشترت السعودية أربع طائرات أواكس بمبلغ قدّر بـ ملياري دولار.


وقال 10% من أفراد العينة إن عائدات البترول تصرف لتأسيس مشاريع تنموية وربما يعود سبب انخفاض هذه النسبة لعدم وجود مشاريع تنموية حقيقية أساساً

ليست هناك تعليقات: